Thursday, July 4, 2019

العشب الإصطناعي مستقبل الملاعب الإفريقية













فطن الإتحاد الدولي لكرة القدم أن الحاجة باتت ماسة للإستعاتة بملاعب ذات عشب إصطناعي تفاديا للعوامل الطبيعية التي غالبا ما تهدد سلامة العشب، وكذا التشطيب كل الملاعب التي لا تملك المواصفات والشروط لإجراء مباريات دولية، خاصة ما يهم العشب الذي يعد أداة أساسية لتقديم منتوج كروي يتماشى وتطلعات عشاق المستديرة المجنونة ويسمح بتطوير اللعبة الأكثر شعبية في العالم·

ولأن القارة الإفريقية تعيش مخاضا عسيرا علي مستوى البنيات التحتية والإمكانيات، فإن جهاز الفيفا وسعيا منه لتذويب العراقيل والمشاكل التي تضرب أطناب القارة السمراء، فإنه وضع مشروعا أطلق عليه إسم >نفوز في إفريقيا مع إفريقيا<، المشروع الذي يحكي جملة مشاريع الإتحاد الدولي لكرة القدم التي تتوخى تنمية البنيات التحتية في إفريقيا كما هو الحال لمشروع >هدف<، يمكن 53 إتحادا إفريقيا للإستفادة من عشب إصطناعي سيتكفل به جهاز الفيفا أي أن 53 بلدا إفريقيا سيستفيد من مشروع وضع عشب إصطناعي في أحد الملاعب الذي يختاره الإتحاد المحلي، علما أن الكونغو كان هو أول المستفيدين بعشب إصطناعي في مدينة >النقطة السوداء< ، حيث تم إفتتاح الملعب 18 يناير الأخير، ثلته السودان بافتتاح ملعب في الخرطوم شهر فبراير الأخير·
تجارب أولى
هذه المرة لم يمنح جهاز الفيفا الضوء الأخضر للأندية والمنتخبات لإجراء المباريات الرسمية باللعب في ملاعب مزودة بالعشب الإصطناعي بل أخذ على عاتقه تشجيع هذه الفكرة والإنخراط في تعميمها، ثم المساهمة في تجهيز الملاعب بعشب إصطناعي، ويرى فيها خطوة هامة للقضاء على الملاعب الجرداء والقاحلة في البلدان التي تعاني من قساوة الطقس، سواء الحار أو التي تتميز بالبرودة الشديدة، كلها عوامل تهدد سلامة العشب الطبيعي وتعرقل صيانته، علما أن التكلفة تزداد ويصعب على بعض الأندية والجامعات الفقيرة الحفاظ على جمالية أرضية الملاعب·
وقد أكدت التجارب الأخيرة للعشب الإصطناعي نجاحها، إذ كان الإتحاد الأوروبي لكرة القدم سباقا لدعم هذه الفكرة بعد تجارب ناجحة للعشب الإصطناعي الجديد، كما هو الحال في اسكوتلاندا بملعب ديفرملاين وسالزبورغ بالنمسا والميلو الهولندي·· الإتحاد الأوروبي بعد مسلسل من التجارب إقتنع بالفكرة في شكلها الجديد·
ولم تسلم فكرة تعميم الملاعب بعشب اصطناعي من الرافضين والمعارضين لعدة أسباب، وعارضت بعض الدول الأوروبية بشدة فكرة حلول العشب الإصطناعي بدلا من الطبيعي حتى ولو كان أقل تكلفة، وقدمت الدول التي عارضت الفكرة كما هو الحال لإيطاليا وإنجلترا ذليل على أن هذا العشب سيكون له أثر على سلامة اللاعبين الصحية وعلى أدائهم ومستوى اللعبة ككل، كما أن أي مادة مضافة ستكون ذات عواقب سلبية بحكم أن هذا العشب هو عبارة عن خليط بمواد كيماوية وتسبب حرقا في جلد اللاعبين عند التزحلق·
والواقع أن تجربة العشب الإطناعي الأولى باءت بالفشل، ففي بداية السبعينيات عرفت بعض الملاعب الظهور الأول للعشب الإصطناعي المكون من "التارتان الصناعي"، بيد أن الإتحاد الدولي لكرة القدم رفض الفكرة وأقر وقتها بعدم إجراء المباريات الرسمية للمنتخبات والأندية فيه لعدم توفره على السلامة والمواصفات الصحية قبل أن تتغير الفكرة ويصبح اليوم أحد أهم المشاريع المستقبلية خاصة في البلدان النامية·
عشب المستقبل
وضع جهاز الفيفا خبيرين للإشراف على مشروع "ت=نفوز بإفريقيا مع إفريقيا<، وهما السويسري ماركوس كيلر والأنجليزي إيريك هاريسون، وتم الإقرار بهذا المشروع الموسم الماضي بتكلفة 70 مليون دولار لتجهيز 53 ملعبا بإفريقيا بعشب إصطناعي، ويشرف الخبيران على عملية التعشيب، إذ يملك السويسري ماركوس كيلر البالغ من العمر 58 عاما تجربة في هذا المجال قوامها 30 عاما ، خاصة ما يهم وضع العشبين الطبيعي والإصطناعي ومدار الملاعب الخاص بألعاب القوى، وساهم بوضع 20 مشروعا لبرنامج مشروع >هدف<، ويعمل مستشارا للفيفا منذ 2001، ومنذ تعاقده مع الفيفا زار ماركوس كيلر 25 بلدا خاصة بأوروبا وآسيا وإفريقيا·
اليوم يجد ماركوس عمله منصبا بالقارة الإفريقية، حيث سيتكلف بالإشراف على المشروع وخصص الفيفا مبلغ 750 ألف دولار لتجهيز لكل ملعب بعشب إصطناعي 53 بلدا إفريقيا على أن تدوم عملية التعشيب 3 أشهر، شهرين لتسوية الأرض أو ما يسمى بالدريناج، وشهر واحد لوضع العشب الإصطناعي، ويمكن أن تستمر العملية إلى خمسة أشهر حسب أحوال الطقس والشروط الطبيعية المتاحة·
يقول ماركوس: >من الصعب تحديد الفترة الزمنية لصلاحية العشب الإصطناعي الآن، ذلك يتوقف على الجودة والصيانة وأحوال الطقس وحجم المباريات التي يستقبل، لكن إذا ما توفرت كل الشروط لحمايته فإن مدة صلاحيته تتحدد ما بين 10 إلى 12 سنة<·
ويضيف ماركوس كيلر: >أن الصيانة أحد العوامل الهامة للحفاط على جودة العشب الإصطناعي الذي يمتص بسهولة الحرارة ويحتفط بها طويلا، وبالتالي فإن الماء ينعشه ويساعد العشب تذويب الحرارة<·
تشجيع الفيفا لفكرة العشب الحديث سيسهم في حل المشاكل التي تعاني منها أغلب الدول الإفريقية التي تعاني من قساوة أحوال الطقس وقلة الماء، وكذا الأمطار التي تساهم في جودة العشب، بيد أن الحرارة المفرطة التي تميز بلدان القارة السمراء غالبا ما تحول الملاعب إلى أرض قاحلة، جرداء دون أن نستثني الضعف الكبير على مستوى الصيانة والمختصين في هذا المجال، فكان من المحرج أن تستقبل مثل هذه الملاعب تصفيات من حجم المسابقات الإفريقية أو المونديالية·
الفيفا من هذا الجانب أبت إلا أن توفر ملعبا بعشب اصطناعي في 53 بلدا إفريقيا، لكن ما مدى إستفادة البلدان الإفريقية؟
التصفيات المونديالية على عشب إصطناعي
ستمكن ملاعب "الجيل الجديد" من تجاوز كل العراقيل التي ما فتئت تؤثر سلبا على الأداء العام للكرة الإفريقية التي تظل ضحية البنيات التحتية الضعيفة، فضلا أنها ستوفر الفرصة للمواهب الإفريقية في البلدان الإفريقية الفقيرة من مزاولة اللعبة وفق شروط مثالية، الملاعب هاته أيضا تحمل علامة نجمة وليس تجمتين كما هو الحال للملاعب ذات العشب الطبيعي، ذلك أن هذه الملاعب لن تخضع للمراقبة السنوية من طرف الفيفا والتي تكلف الإتحادات الإفريقية مبلغ 20 ألف دولار، بيد أن الفيفا وطبقا لهذا المشروع فقد أفرزت أن تجرى تصفيات مونديال 2010 بجنوب إفريقيا ضمن المنطقة الإفريقية فوق الملاعب الجديدة التي تضمن الفرجة وسلامة اللاعبين والسرعة في تدحرج الكرة·· ماركوس كيلر نبه إلى أن هناك مؤيدين ومعارضين لفكرة العشب الإصطناعي يقول: >أعتقد أن المجال سيظل مفتوحا وأن النقاش مفتوحا بين مؤيدين ومعارضين، كل يدافع على فكرته ومشروعه، ومهما اختلفت الآراء فإن العشب هو أفضل حل والمخرج السليم للقارة الإفريقية لتجاوز مشكل الملاعب